يتم تحديث صفحة التويتر والتلجرام مابين الساعة الوحدة مساء حتى الساعة 2 مساء
المشاركات

ادارة الازمات في المدرسة

32 min read

  في بداية الحديث عن أزمة التعليم أرجو أن أذكر أن التعليم ليس نظاما مكتفيا بذاته في أية أمة، وأن التأثير متبادل بين التعليم وبين النظام السياسي والاقتصادي والثقافي والإعلامي والإداري.

هذا، وتؤكد المؤشرات الكمية المتاحة أن التعليم في الوطن العربي قد حقق إنجازات كمية؛ فقد ارتفع عدد الطلاب في المدارس والجامعات من 17 مليونا عام 1970 إلى حوالي 52 مليونا في عام 1990، وأن عدد أعضاء هيئة التدريس في المدارس والجامعات قد زادت ف نفس الفترة من 556 ألفا إلى مليون و750 ألفا. وأن نصيب الإنفاق على التعليم من الناتج القومي الإجمالي قد زاد من 5% في عام 1970 إلى 6.6 في عام 1987، وأن نسبة المتعلمين بين الكبار (15 سنة فأكثر) قد ارتفعت من 37% من عام 1970 إلى حوالي 50% سنة 1990.

كما تشير وثائق كثيرة إلى اتساع فرص التعليم في العالم العربي في مراحله المختلفة، وإلى بذلك جهود متنوعة في سبيل تحسين نوعية التعليم، ومراجعة المناهج وتطوير المواد التعليمية.

هذا، وقد أكد مؤتمر « تعليم الأمة العربية في القرن الحادي والعشرين تقديره للجهود التي بذلتها الأقطار العربية، وقرر في الوقت ذاته أنها دون مستوى طموحات الأمة سواء في كمها أو نوعها، وأنها لا تسهم بفاعلية في إعداد الإنسان العربي؛ فلا تزال نظم التعليم في العالم العربي عاجزة عن استيعاب جميع الأطفال الذين هم في سن الإلزام. هذا بالإضافة إلى زيادة نسبة التسرب من التعليم الإلزامي قبل إكماله، وتزايد العدد المطلب للأميين عاما بعد عام، وعدم قدرة حوالي 10% ممن يصنفون على أنهم غير أميين على توظيف مهارات القراءة والكتابة والحساب في شؤون حياتهم الفردية والمجتمعية.

وأكدت الدراسات التي أعدت لذلك المؤتمر والمناقشات التي جرت في اجتماعاته أن أنظمة التعليم في البلاد العربية تعاني منعدم بلورة أهداف التعليم وسياساته، ومن جمود مناهجه، وأن هذه الأنظمة أصبحت تسهم.
في ضمور الطاقات المجتمعية، وأضحى التعليم عبثا على التنمية، وغدا مشدودا أما الافتتان بالماضي وتقليد نماذجه وحلوله، وأما محاكيا لنماذج الحضارة الغربية التي قد لا تتلاءم في توجهاتها، ومدى فعاليتها مع التطور الحقيقي لأوضاع المجتمع العربي.

وتلك هي الأوصاف التي وسم بها التعليم في « إستراتيجية تطوير التعليم في مصر » التي صدرت عام 1987 في الفترة التي كان يتولى فيها الدكتور أحمد فتحي سرور وزارة التعليم، ففي هذه الإستراتيجية نقرأ عن: 
- غياب الإستراتيجية التي بلور سياسة التعليم، وغياب الطابع القومي في التعليم، وعدم إسهام من يعنيهم الأمر في التطوير.
- عجز التعليم عن مواجهة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتقنية... وغض الطرف عن ذاتية المجتمع المصري وهويته الثقافة.
- ضعف الثقة في التعليم، وعدم مساندته معنويا، وعدم التنسيق بين التعليم النظامي وغير النظامي، وتناقض ما تبثه وسائل الإعلام مع ما تقدمه المدارس.
- أن مناهج التعليم صلبة؛ لا تلبي مطالب المتعلم أو البيئة، ويغلب عليها الطابع النظري، وتهمل ميول الأفراد ومواهبهم، وأن الامتحانات تدرب على التذكر، ولا تستثمر إمكانات العقل الإنساني.

وهذا، تؤكد وثيقة عمان أن نظم التعليم في الأمة العربية عجزت عن تحقيق العدل الاجتماعي في فرص التعليم والعمل المتاحة للطلاب في المناطق الجغرافية المختلفة. وذات المعنى موجود في « إستراتيجية تطوير التعليم » في مصر، حيث جاء فيها أن من مظاهر الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص ما توفره مدارس التعليم الخاص.

أولا: إدارة الأزمة المدرسية والصفية (الماهية - السمات):
ارتبط مصطلح إدارة الأزمات Crisis Management ارتباطا قوياً بالإدارة العامة، ليعكس ما تقوم به منظماتها في مواجهة الظروف غير الطبيعية التي يمكن أن تواجه المجتمع والتي قد تقع تحت مسمى الأزمة Catastrophe  أو الصراع Conflict أو النكبة Disaster أو غيرها مما يدل على ما يهدد كيان الدولة والنظام والأفراد ويحول دون أداء الخدمات، ويوقف السير الطبيعي للسياسات وتنفيذها.

وقد أخذ هذا المصطلح وضعا متميزا في القاموس السياسي، وبخاصة في الأمور التي تقع تحت العلاقات الخارجية، ليشير إلى مواقف غير مرغوبة للطرفين أو لأحدهما في مجالات السياسة الخارجية. وفي التاريخ المعاصر هناك الأزمة الكورية، وأزمة خليج الخنازير (أزمة الصواريخ الكوبية) وأزمة الشرط الأوسط 1956، 1967 وغيرها.
والأزمة Crisis نقطة تحول في سلسلة من الأحداث المتتابعة تسبب درجة عالية من التوتر وتقود إلى نتائج غالبا ما تكون غير مرغوبة وبخاصة في حالة عدم وجود استعداد أو آلية على مواجهتها.

وقد حدد وينر وكاهن Weiner and Kahn اثني عشر بعدا للأزمة، تظهر في أن الأزمة: 
- تعتبر غالبا نقطة تحول في تتابعات ظاهرة من الحوادث والأفعال.
- تعد موقفا يتطلب من المشاركين درجة عالية من العمل والأداء.
- تهدد الأهداف والغايات، بخاصة تلك المتصلة بأعضاء المنظمة.
- تتبع بنواتج هامة تشكل تبعاتها مستقبل أعضاء المنظمة.
- تتكون من حوادث متقاربة ينتج عنها مجموعة من الظروف.
- تؤدي إلى الحيرة وعدم التثبت في تقويم الموقف ووضع بدائل للتعامل معه.
- تقلل التحكم في الأحداث وتأثيرها.
- تزيد درجة الإلحاح التي تنتج عن القلق بين المشاركين.
- تعتبر فرصة تكون فيها المعلومات المتاحة للأعضاء غير ملائمة.
- تزيد ضغوط الوقت بالنسبة للأعضاء.
- تتميز بتغيرات في العلاقات بين أعضاء المنظمة.
- ترفع درجة التوتر بين الأعضاء، وبخاصة في الأزمات المتصلة بالسياسات بين القوى الداخلية أو بين القوى الخارجية.

ومن ناحية أخرى قد استعرض ميلر وايسكو Miller and Iscoe سمات الأزمات كما حددتها الدراسات النفسية والاجتماعية على النحو الآتي:
- إن موقف الأزمة يكون حادا أكثر من كونه موقفا مزمنا، رغم أن مداده الزمني لا يكون محددا عادة.
- إن الأزمة تنتج بالنسبة للسلوك الذي يعتبر مرضيا مثلما يظهر في عدم الكفاءة.
- إن الأزمة تحدد أهداف الأفراد ذوي الصلة بها، وكذلك المنظمات.
- إن الأزمة موقف نسبي، ذلك أن ما يعتبر أزمة لجماعة أو فرد قد يكون كذلك لآخرين.
- أن الأزمة تؤدي إلى التوتر في النواحي العضوية والنفسية، بجانب ما تؤدي إليه من قلق.

ويلاحظ على كلا التوجهين أن هناك اتفاقا على أن الأزمة تهدد أهدافا، وأنها تؤدي إلى تأثيرات باثولوجية كالإحباط والقلق. يضاف إلى ذلك أن الأزمة موقف يحتاج إلى جهود لتحاشيه وتجنبه.
وفي تناولهم للأزمات يتمسك نورث North وزملاؤه بمنى الإغريقي للأزمة، الذي يؤكد على أنها مصطلح طبي بالدرجة الأولى، وهو ما يعني كونه نقطة نحو Turning point تميز النواتج والمخرجات لأية حادثة ملائمة أو غير ملائمة، حياة أو موتا، عنفا أو لا عنف.

وفي تحديد آخر يرى روبنسون Robinson أن الأزمة موقف للقرار Descion Situation أو فرصة للقرار، ويشمل: 
- تحديد أصل الحادثة - إما داخليا أو خارجيا- لصناع القرار.
- وقت القرار المتاح للاستجابة، قصير أو متوسط أو طويل.
- الأهمية النسبية للقيم التي تمثل خطراً على الأعضاء - من ناحية الشدة أو الانخفاض.

وفي ضوء هذا التوجه ينظر إلى زمن القرار، أو الوقت اللازم للقرار صنعا واتخاذا كأمر هام بسبب التتابعات الظاهرة لمحتواه، بما يعني أن البدائل المطروحة لاتخاذ قرار من بينها في موقف ما قد قليلة أو منعدمة. وعلى النقيض من ذلك فإنه موقف آخر لا تظهر فيه العجلة تكثر البدائل المتاحة. وقد أكد روبنسون وسيدر Robinson and Snyder على أن ما يعتبر وقت طويلا لقرار ما قد يكون قصيرا لاتخاذ قرار في مواقف آخر.
والخلاصة أن الأزمة موقف أو وضع يمثل اضطرابا للمنظومة صغرى كانت أو كبرى، ويحول دون تحقيق الأهداف الموضوعة، ويتطلب إجراءات فورية للحيلولة دون تفاقمه، والعود بالأمور إلى حالتها الطبيعية.
مفهوم الأزمة المدرسية والصفية:

على الرغم من تعدد وتنوع تعريفات الأزمة، فلا يوجد اتفاق بين العلماء والباحثين على تعريف محدد للأزمة، وما زال يعاني من غموض نظرا لطبيعته المعقدة، فضلا عن بعض الاعتبارات التي زادت من حدة هذا الغموض منها: التداخل الشديد بين تعريف الأزمة وبعض المفاهيم الأخرى والتي اعتبرها الباحثون مرادفة للأزمة مثل الكارثة والصراع والمشكلة والحادثة والتهديد ونقطة التحول، غياب نظرية تفسيرية شاملة تفسر ظاهرة الأزمة، غياب التراكم العالمي حيث إن معظم الدراسات التي تناولت الأزمة جاءت في إطار دراسة الحالة، وبالتالي لم تسهم في تشييد بناء فكري تنظيري يمكن تعميم نتائجه، وفيما يلي عرض بعض تعريفات الأزمة:
تعرف الأزمة على أنها « عبارة عن خلل يؤثر تأثيرا ماديا على النظام كله، كما أنه يهدد الافتراضات الرئيسية التي يقوم عليها هذا النظام ».

ويتضح من هذا التعريف أنه لكي تحدث الأزمة لابد من توافر شرطين على الأقل هما: 
- تعرض النظام كله للتأثير الشديد إلى الحد الذي تختل فيه وحدته بالكامل.
- تصبح الافتراضات الأساسية التي يؤمن بها أعضاء المنظمة موضعا للتحدي لدرجة أن يظهر لهم بطلان هذه الافتراضات، أو تجعلهم يستخدمون أساليب دفاعية ضد هذه الافتراضات.

تعرف الأزمة أيضًا على أنها « لحظة حرجة وحاسمة تتعلق بمصير الكيان الإداري الذي أصيب بها، مشكلة بذلك صعوبة حادة أمام متخذ القرار تجعله في حيرة بالغة، أي قرار يتخذ في ظل دائرة خبيثة من عدم التأكد، وقصور المعرفة، واختلاط الأسباب بالنتائج، وتداعى كل منهما بشكل متلاحق، ليزيد من درجة المجهول عن تطورات ما قد يحدث مستقبلا من الأزمة، وفي الأزمة ذاتها »:

كما تعرف الأزمة على أنها حدث يعرقل عمل المنظمة ويشكل تهديدا خطيرا للأفراد داخل المنظمة، ويتطلب ردا فوريا ومنسقا، باستخدام الإجراءات والأساليب المناسبة سواء المادية منها أو البشرية.

وينظر للأزمة على أنها « موقف ينتج عن تغيرات بيئية مولدة للأزمات ويخرج عن إطار العمل المعتاد، ويتضمن قدرا من الخطورة والتهديد، والمفاجأة، إن لم يكن في الحدوث فهو في التوقيت، ويتطلب استخدام أساليب إدارية مبتكرة، وسرعة ودقة في رد الفعل، ويعزز آثارا مستقبلية تحمل في طياتها فرصا للتحسن والتعلم ».
كما تعرف الأزمة بأنها موقف مفاجئ يواجه المنظمة، ويعرضها لمشكلات خطيرة، وضغط خارجي قوي وتوتر داخلي عنيف، وهذا يعني أن الأزمة تنتج عن الضغط والتوتر في حياة المنظمة، وأن الضغط هو العنصر الأساسي في تطوير الأزمة وزيادة حدتها.

يتبين من العرض السابق لتعريفات الأزمة أنها تتفق على العناصر المكونة للأزمة، أو ما يمكن تسميته بالأركان الأساسية للأزمة والتي يمكن إجمالها في الآتي:
- أنها حدث مفاجئ، يصعب توقعه أو التنبؤ به، وعلى هذا الأساس فإن توقع الحدث لا يدخله في نطاق الأزمة حيث ينتفي عن الأزمة وصف الفجائية.
- أنها تهدد الأهداف والغايات التي تسعى إليها المنظمة.
- أنها تنتج من عدم التوافق بين المنظمة وبيئتها، ويتمثل ذلك في إما زيادة الطلب على قدرة المنظمة أو أن البيئة المحيطة بالمنظمة غير قادرة على خدمة أهداف المنظمة.
- أنها تتكون من حوادث متقاربة ينتج عنها الأزمة.
- أنها تتطلب الرد الفوري عليها في ضوء الإمكانيات المتاحة وقت وقوع الحدث.

ومن ثم يمكن تعريف الأزمة باعتبارها (موقفا مفاجئا وضاغطا، مصحوبا بقدر من التوتر والخروج عن نطاق السيطرة والتحكم، وقلة الوقت المتاح لاتخاذ قرار تجاه هذا الموقف، ويمثل تهديدا يمنع المنظمة أو يحد من قدرتها على تحقيق أهدافها، ويتطلب إجراءات سريعة وفورية للحيلولة دون تفاقمه، والعودة بالأمور إلى حالتها الطبيعية).

ويمكن تعريف الأزمة الإدارية المدرسية كالآتي:
هي حالة أو مشكلة تواجه النظام الإداري المدرسي على أي مستوى من مستوياته، أو في أعي عملية من عملياته، تسبب قدرا من التوتر والقلق، وتشكك في كفاءة النظام واستمراريته إن لم يكن مستعدا لمواجهة هذه الحالة أو المشكلة.

ثانيا: الأزمة المدرسية والصفية (الخصائص - الأسباب - الأنواع - المراحل):
أ- الأزمة المدرسية والصفية (المظاهر - المؤشرات):
هناك العديد من الخصائص التي تميز الأزمة التعليمية في المدارس وتجعلها تختلف عن المفاهيم الأخرى المشابهة لها مثل المشكلة والصراع والضغط والكارثة، وتتحدد أهم خصائص الأزمة التعليمية في المدارس فيما يلي:
* أنها حدث لا يمكن التنبؤ به، وتكون نتائجه سلبية على منظومة التعليم.
* أنها حدث لا يمكن التحكم فيه، له تأثير عكسي على جميع جوانب التعليم وكذلك علاقته بالمجتمع المحيط.
* تهدد أهداف وغايات الإدارة المدرسية، وتشكك في مصداقيتها.
* تركز على الجوانب السلبية في الإدارة المدرسية.
* تتطلب ردا سريعا وتدخلا فوريا ومرونة في الإجراءات.
* تسبب خللا في منظومة التعليم كلها.
* أنها حدث مفاجئ يصعب توقعه والتعامل معه.
* ينشأ عنها توتر وقلق وضغط في حياة الأفراد.
* تسبب في بدايتها صدمة، مما يضعف إمكانيات المواجهة السريعة.
* نقص المعلومات وعدم وضوح الرؤية لدى متخذ القرار.
* أنها لا تحدث بسبب عامل واحد، بل هي نتاج تفاعل مجموعة من العوامل بعضها داخلي والآخر خارجي.
* تتشابك فيها الأسباب بالنتائج.
* تؤدي إلى الحيرة وصعوبة التثبت في تقويم الموقف.
* يلزم لمواجهتها أنماط غير مألوفة وأنشطة مبتكرة لمواجهة الظروف الجديدة.
* تحدث الأزمة نتيجة تتابع وتراكم المواقف الضاغطة التي يصعب مواجهتها.
* ترتبط بمدى وجود ضغط متزايد وتوتر مصاحب للموقف.
* تمثل نقطة تحول أساسية في أحداث متتابعة داخل منظومة التعليم.
* تتطلب درجة عالية من العمل والتخطيط من جميع العاملين بالمدرسة.
* ينتج عنها فئة جديدة من الحوادث السلبية.
* تخرج متطلبات معالجتها عن الوسائل المعتادة واستخدام وسائل غير عادية.
* تشعر متخذ القرار في الإدارة المدرسية بالحيرة والعجز وعدم القدرة على التعامل معها.
* قد يصل الأمر إلى حد فقد متخذ القرار الإداري ثقته بنفسه.
* يصعب تحمل الإدارة المدرسية للموقف الازموي لمدة طويلة.
* ترسل الأزمة إشارات تنبه عن وجود مشكلات في المدرسة.
* ترتبط بوجود خسائر مادية وبشرية ونفسية واجتماعية.
* إصدار قرارات عشوائية سريعة غير مبنية على أساس علمي.
* سيادة حالة الخوف من العواقب المترتبة على الأزمة.
* أن الأزمة موقف نسبي، وما يعتبر أزمة لجماعة أو فرد قد لا يكون كذلك بالنسبة للآخرين.
* تتطلب وجود فريق له مهام خاصة للتغلب عليها.
* غياب الحل الجذري السريع.
* تتطلب فترة زمنية طويلة حتى تستعيد منظومة التعليم حالتها الطبيعية.

ب- أسباب الأزمة المدرسية والصفية:
من الأهمية بمكان التعرف على أسباب الأزمة التعليمية في المدارس ودوافع حدوثها، حتى يمكن منع حدوث الأزمة أو التقليل من آثارها والحد منها إذا حدثت، فالأزمة قد تكون نتيجة تترتب على وجود ثغرات في القوانين واللوائح والتشريعات المدرسية الموضوعة، أو تنشأ من سوء التطبيق، أو أخطاء في الإدارة، وقد تكون نتيجة سوء التخطي أو سوء التنظيم أو سوء التقويم في المدرسة التي تحدث فيها الأزمة.
وهناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الأزمات في منظومة التعليم، وتختلف هذه الأسباب في تأثيرها من مدرسة لأخرى على حسب ظروفها وإمكاناتها ودرجة استعدادها، كما تختلف من مرحلة تعليمية لأخرى على حسب طبيعتها، ويمكن تحديد بعض هذه الأسباب على النحو التالي:
1- أسباب إدارية:
وهي تتعلق بالإدارة المدرسية وتحدد في الآتي:
* المعلومات الخاطئة التي تؤدي إلى الاستنتاج الخاطئ والتقييم غير الصحيح والقرارات غير السليمة.
* التفسير الخاطئ للأمور يجعل القرارات منفصلة عن الوقع الحقيقي.
* ضعف المهارات القيادية واستخدام أسلوب الإدارة بالتهديد والوعيد.
* والجمود والتكرار يجعل الأداء يعتمد على نمط ثابت ومتكرر غير قادر على مواجهة التحديات المستقبلية.
* البحث عن الحلول المستقبلية.
* سوء الإدارة يؤدي إلى الفشل في استثمار الإمكانات المتاحة مما ينتج عنه مشكلات عديدة تتراكم وتتحول إلى أزمات.
* سوء الفهم بسبب نقص المعلومات والتسرع في اتخاذ القرارات.
* سوء الإدراك يؤدي إلى تدخل الرؤية وينتج عنه عدم سلامة الاتجاه الذي يسلكه القائد.
* سوء التقدير يعد أكثر الأسباب في الأزمات لأنه ينتج عن المغالاة والإفراط في الثقة بالنفس.
* الإدارة العشوائية التي تعتمد على التوجيهات الشخصية للرؤساء وتفتقد الرؤية المستقبلية.
* اليأس يعد أحد الأزمات النفسية والسلوكية التي تشكل خطرا على متخذ القرار.
* الشائعات أو الإشاعات من أهم مصادر الأزمة حيث يتم إطلاق إشاعة بشكل معين يتم توظيفها من خلال حقائق حدثت فعلا وملموسة، وإعلانها في توقيت معين ومناخ مناسب تتحقق الأزمة.
* تعارض الأهداف بين متخذ القرار ومنفذ القرار في المدرسة.
* تعارض المصالح بين المستويات الإدارية المختلفة داخل الإدارة المدرسية.
* الضعف الداخلي في بنية النظام الإداري نفسه.
* الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية على النظام الإداري.
* وجود عيوب في نظم الرقابة والاتصال والحوافز.

2- أسباب تنظيمية:
وهي تتعلق بمنظومة التعليم وتتحدد في الآتي:
* تجاهل الإدارة المدرسية إشارات الإنذار المبكر التي تشير إلى إمكانية حدوث الأزمة.
* ضعف العلاقات بين العاملين داخل المدرسة الواحدة وسيطرة الفردية على العمل.
* اللامبالاة تجاه الخطر الذي يحدث في المدرسة.
* ضعف الإمكانيات المادية والبشرية للتعامل مع الأزمات مما يؤدي إلى تفاقمها ومضاعفة الخسائر الناجمة عنها
* غموض أهداف التعليم وما يترتب على ذلك من قصور في تحديد الأولويات المطلوب تحقيقها.
* التباتطؤ في التعامل مع الأزمات بمجرد ظهورها وسلبية الاستعداد.
* صراع المصالح بين العاملين والنزاع الهدام داخل الإدارة المدرسية.
* قصور في إجراء مراجعة دورية للمواقف المختلفة التي واجهت الإدارة المدرسية.
* نقص التوازن بين الكفاءة الداخلية للإدارة المدرسية والضغوط الخارجية، فعندما تضعف القوى الداخلية وتكون عاجزة عن إحداث تغيرات بذاتها، فإن القوى الخارجية تدفع النظام على غير إرادته.
* نقص خبرة العاملين داخل المدارس في التعامل مع المواقف التي تسبب الأزمة.
* ضعف التمويل ونمو الأزمات المالية داخل المدارس.
* عدم وجود وحدة بحوث الأزمات في كل مدرسة.

3- أسباب مجتمعية:
وهي تتعلق بالمجتمع المحيط بالمدرسة وتتحدد في الآتي:
* سيادة الشعور بالإحباط، إزاء انهيار آليات تسوية الصراعات الاجتماعية وتحقيق التوازن الاجتماعي مما يؤدي إلى شعور بالاغتراب في ظل الأوضاع الراهنة لمجتمعه.
* ضعف السلطة.
* عجز الثقافة العامة في المجتمعات النامية عن مواجهة التغيرات والتحديات الجديدة الطارئة.
* عجز المدارس القائمة عن خلق السلوكيات الإيجابية المطلوبة.

4- أسباب شخصية:
وهي تتعلق بالعاملين داخل منظومة التعليم وتتحدد في الآتي:
- سيادة الأنانية والتفكير في النفس فقط بين العاملين.
- وجود حالة حادة من اليأس لدى العاملين مع إحساسهم بعدم جدوى الشكوى.
- قلة اعتراف العاملين بأخطائهم ومحاولة التعلم منها.
- ضعف التعاون والنزاع الهدام وضعف معدل الثقة بين العاملين.
- تراجع وانسحاب العاملين بسهولة من بعض المواقف.
- نقص التزام العاملين بتنفيذ ما يتخذ من قرارات.
- انعدام عمل العاملين كفريق واحد.
وهناك مجموعة من الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى نشوء الأزمات داخل المدارس مثل الأسباب الاقتصادية، الأسباب الاجتماعية، الأسباب السياسية، أسباب ثقافية.

ج- أنواع الأزمات المدرسية:
هناك تصنيفات متعددة لأنواع الأزمات المدرسية تختلف عن بعضها البعض على حسب المنظور الذي يستخدم في عملية التصنيف، مثل تصنيف الأزمات المدرسية على حسب المستوى والمحتوى والموضوع والتوقع والزمن والمصدر والشدة والتأثير والتكرار والشمولية، وفيما يلي بعض هذه التصنيفات لأنواع الأزمات المدرسة.
1- أنواع الأزمات من حيث المصدر:
يوجد ثلاثة أنواع على حسب المصدر أو الفعل الذي أحدث الأزمة هي:
- أزمات مصدرها الإنسان: ويقصد بهذه النوعية الأزمات، تلك الناجمة عن سلوك إنساني ينبئ عن وقوع خطر، وهذا السلوك قد يكون مقصودا أو غير مقصود، مثل أعمال التخريب والعنف داخل المدارس.
- الأزمات التي تقع بفعل الطبيعة: وهي الأزمات التي لا دخل للإنسان في نشوئها وإنما تولدت من الطبيعة وبدون نشاط إنساني، مثل حدوث الزلازل التي تهدم المدارس.
- الأزمات الناجمة عن سلوك غير معلوم مصدره: مثل انتشر الحرائق في مناطق معينة دون معرفة السبب الحقيقي لنشوئها.

2- أنواع الأزمات من حيث الزمن:
قد تكون الأزمة طارئة أو مزمنة ويمكن توضيحها كالتالي:
- الأزمة الطارئة: هي التي تنشأ بصورة مفاجئة ومداها الزمني قصير، نتيجة تأثير عوامل خارجية مما تسبب تهديدا لا لإدارة المدرسية، وتتطلب استجابة فورية لمواجهتها، كما تحتم على صانعي القرار اتخاذ كافة الإجراءات المناسبة لمواجهة هذه الأزمة مهما كانت ضالة المعلومات المتوفرة حول الأزمة، مثل حدوث وفاة أحد الطلاب داخل المدرسة.
- الأزمنة المزمنة: هي التي تتراكم مع الوقت ومداها طويل، ويجد صانعوا القرار الفرص المناسبة لمواجهتها عندما يعتقدون بفقدان الفرصة الأخيرة إذا لم يتخذوا الإجراءات المناسبة لحل الأزمة، وإلا فسوف يجبرون على اتخاذ الإجراءات المناسبة رغم ضآلة المعلومات حول الأزمة.

3- أنواع الأزمات من حيث الأداء:
وفقا لهذا المنظور يمكن تقسيم الأداء السلوكي للأزمة إلى أربعة أنواع هي:
- الأزمة الزاحفة: وهي أزمة تنمو ببطء ولكنه محسوس، ولا يملك متخذ القرار وقف زحفها نحو قمة الأزمة وانفجارها، مثل الانتشار السرطاني للدروس الخصوصية في التعليم العام والمدرسي.
- الأزمة الفجائية: وهي أزمة تحدث فجأة وبشكل عنيف، وتخرج عواملها عن الطابع المألوف المعتاد، ويصعب على الكيان الإداري السيطرة عليها، مثل أعمال التخريب التي يقوم بها طلاب المدرسة.
- الأزمة الصريحة العلنية: وهي أزمة لها مظاهرها الصريحة الملموسة، يشعر بها كل أطرافها والمحيطون بها منذ نشأتها، وهي أكثر أنواع الأزمات انتشارا، مثل التقلبات الاقتصادية التي تؤثر بشكل غير مباشر على التعليم.
- الأزمة الضمنية أو المستترة: وهي أخطر أنواع الأزمات وأشدها تدميرا، فهي أزمة غامضة في كل شيء، في أسبابها وعناصرها وأطرافها والعوامل التي ساعدت على تفاقمها، وإن كانت نتائجها محسوسة وملموسة بشكل كبير، مثل أزمة الإدارة المدرسية.

4- أنواع الأزمات من حيث المحتوى:
تصنف الأزمات على حسب المحتوى إلى ثلاثة أنواع على الوجه التالي:
- أزمة يغلب عليها الطابع المعنوي: بمعنى أن الضرر الناجم عن الأزمة يكون معنويا ويصيب المشاعر والأحاسيس والقيم ومكانة الفرد بين الآخرين، مثل حالات الرسوب للطلاب.
- أزمة يغلب عليها الطابع المادي: وتتمثل في الخسائر التي تعود على المتضرر بالأزمة سواء في الموجودات والأموال أو في البشر كأفراد، مثل سوء استخدام الإمكانيات المادية والبشرية المتاحة للمدرسة.
- أزمة ذات طابع مزدوج: بمعنى أن الخسائر الناتجة عن الأزمة تحمل بين طياتها خسائر مادية ومعنوية للكيان المتأثر بالأزمة، حيث أن التداخل بينهما وارد، وقد يؤدي أحدهما كسبب لنشوء الثاني.

5- أنواع الأزمات من حيث المستوى:
تنقسم إلى نوعين هما:
- أزمة فردية: وهي التي يتأثر بها شخص معين إما بصورة مادية أو معنوية، مثل الفشل في التعليم.
- أزمة مجتمعية: وهي التي يتأثر بها الغالبية العظمى من سكان المجتمع، مثل أزمة البطالة بين خريجي التعليم.

6- أنواع الأزمات من حيث شدة الأثر:
تنقسم إلى ثلاثة أنواع كما يلي:
- أزمات شديد الأثر: وهي الأزمات التي يصعب التعامل معها، وتهدد نظام التعليم كله، مثل الكتاب المدرسي.
- أزمات خفيفة الأثر: وهي تلك الأزمات التي يسهل التعامل معها، وتؤثر على جانب واحد من جوانب التعليم.
- أزمات متكررة الأثر: وهي التي تؤثر على جانب أو أكثر من جوانب التعليم مثل أزمة التمويل.

7- أنواع الأزمات من حيث مرحلة التكوين:
تصنف الأزمات على حسب مرحلة التكوين إلى: 
- الأزمة في مرحلة النشوء.
- الأزمة في مرحلة التصعيد.
- الأزمة في مرحلة التكامل.
- الأزمة في مرحلة الاحتواء.
- الأزمة في مرحلة الإخماد.

8- أنواع الأزمات من حيث الموضوع:
يمكن أن تحدث في أي جانب من جوانب المدرسة وتنقسم إلى:
- أزمة إدارية: وهي التي تحدث بسبب مشكلات تراكمت ولم يتخذ أي إجراء لحلها، مثل خلل اللوائح والتشريعات المدرسية التي تسمح بحدوث التجاوزات في العمل المدرسي.
- أزمة علاقات العمل: وهي عبارة عن ضعف العلاقات والانعزالية بين الوحدات المختلفة داخل المدرسة والقيام بممارسة الأعمال غير السليمة بهدف إحداث ضرر بالآخرين.
- أزمة فقد الصلة بين الإدارة والعاملين داخل المدرسة.
- أزمة صحة وأمان العاملين داخل المدرسة.

د- مراحل تطور الأزمة المدرسية:
تمر الأزمة التعليمية في المدارس في تطورها بخمس مراحل، ورغم أنها تظهر بشكل فجائي إلا أنها نتاج تفاعل وتداخل عامل وأسباب مختلفة إلى حدوث الأزمة التعليمية في المدارس، ومراحل تطور الأزمة التعليمية في المدارس متصلة اتصالا وثيقا بالقدر الذي تصبح فيه متداخلة تقود إحداها إلى الأخرى، ومن الصعب الفصل بين هذه المراحل إلا لغرض الدراسة، ويمكن توضيح هذه المراحل على النحو التالي:
1- مرحلة نشأة الأزمة: 
وهي مرحلة التحذير والإنذار المبكر للأزمة أو هي مرحلة ما قبل الأزمة، وهي المرحلة التي تمهد لوقوع الأزمة، حيث يكون هناك شيء ينذر بموقف غير محدد المعالم والاتجاه والمدى، وهذه المرحلة إذا ما تم تبنيها واستيعابها وإدراكها إدراكا كاملا كان التعامل مع الأزمة سهلا وميسورا، حيث يمكن تدبير الاحتياجات المناسبة، والقادرة على التعامل مع الأزمة بكفاءة، وفي هذه المرحلة تكشف القوى الصانعة للأزمة عن مواطن الضعف وأماكن الخلل في الكيان الإداري القائم.
2- مرحلة تطور الأزمة: 
تنمو الأزمة من خلال سوء الفهم لدى متخذ القرار في مرحلة ميلاد الأزمة، أو نتيجة الإخفاق في التعامل معها واحتوائها، وتتطور بسبب تغذيتها من خلال المحفزات الذاتية والخارجية استقطبتها الأزمة وتفاعلت معها، وتعمل القوى الصانعة للأزمة على استفحال واشتداد الضغط الازموي، والاستفادة من الظروف المواتية المتواجدة فعلا داخل الكيان الإداري، وتعد هذه المرحلة اشد المراحل وأصعب أوقات التعامل مع الأزمة، لأنها تتسم في هذه المرحلة بالشدة والعنف والتوتر.
3- مرحلة وضوح الأزمة:
وهي المرحلة التي تتبلور فيها أبعاد الأزمة من حيث الحدة والجسامة نتيجة سوء التخطيط أو قصور خطط المواجهة أو الإخفاق في التعامل مع العوامل المساعدة التي حركت الأزمة، لتصل إلى مراحل متقدمة وهناك عوامل مساعدة على نضج الأزمة، منها سياسة الأبواب المغلقة، صنع الحواجز التي تعزل متخذ القرار الإداري بعيدا عما يجري فعلا داخل الكيان الإداري، وتمثل هذه المرحلة الفترة بين بداية الأزمة ونهايتها، وهي المرحلة الحقيقية التي تختبر فيها كفاءة النظام الإداري في إدارة الأزمة.
4- مرحلة انسحاب الأزمة:
وهذه المرحلة تأتي بعد مرحلة مجابهة الأزمة مباشرة، وفيها تنحسر الأزمة تتلاشى بفقدها بشكل شبه كامل لقوة الدفع المولدة لها أو العوامل المساعدة المحركة لها، ويعود الكيان الإداري إلى الوضع الطبيعي قبل وقوع الأزمة أو على نحو أفض منه، وتستغرق هذه المرحلة وقتا طويلا نسبيا حيث تبدأ الأزمة في الاختفاء حتى تنتهي تماما وتمهد للمرحلة التالية.
5- مرحلة التقويم:
وهي مرحلة ما بعد الأزمة، فكل أزمة مهما بلغت قوتها أو ظلت لفترة زمنية لابد أن تنتهي، وفي هذه المرحلة تتم عملية التقويم وتلافي الآثار والاستفادة من طرق التعامل مع الأزمة الحالية في مواجهة الأزمات المستقبلية التي تواجه الكيان الإداري.
مما سبق يتضح أن الأزمة التعليمية في المدارس تمر بخمس مراحل أو خطوات في تطورها تبدو على صورة منحنى تصاعدي يبدأ من مرحلة الميلاد حتى يصل إلى قمته عند مرحلة النضج ثم يميل إلى الانحدار حتى يعود إلى نفس المستوى الذي بدأ منه عند مرحلة التقويم، ويمكن توضيح ذلك في الشكل التالي:

 

ثالثا: الأزمة المدرسية (المظاهر والمؤشرات):
استقراء الأدب التربوي في هذا المجال يتضح أن أزمة العالم في التعليم في الستينيات والسبعينات كما رآها فيليب كومبز هي أزمة المجتمع بمنظوماته المختلفة المحيطة بالتعليم، وهي أيضًا أزمة النظام التعليمي ذاته. هناك جمود في المجتمع، وتغيرت سريعة تحيط بالتعليم، وجمود المنظمة التعليمية يحول دون استجابتها السريعة لهذه التغيرات. وإذا كان هذا الجمود التعليمي بما ينطوي عليه من انخفاض في إنتاجية التعليم يمثل أعراض الأزمة، فإن لهذه الأزمة مسبباتها التي تبرز فيما يلي:
1- الفيضان الطلابي: وقد نتج هذا الفيضان عن الانفجار السكاني من ناحية والأخذ بمبدأ ديمقراطية التعليم وما ارتبط به وانبثق عنه من المناداة بتكافؤ الفرص التعليمية، والتوقعات المصاحبة من أنسنة التعليم. ولم يصاحب هذا الفيضان الطلابي والتدفق على التعليم باهتمام مواز بنوعية العملية التعليمية وكفاءتها.
2- النقص الحاد في المواد: ورغم أن هذا الطلب الهائل والفيضاني على التعليم قد وجه بمضاعفة المخصصات المالية للتعليم، إلا أن الإمكانيات البشرية المتاحة والإمكانيات المادية القائمة من المباني والتجهيزات والأدوات لم تكن ملائمة لهذا الطلب، مما حال دون استجابة المنظومة التعليمية للمتغيرات المحيطة بها.
3- زيادة التكلفة التعليمية: فهناك موجة من التضخم تجعل الزيادة من موازنات التعليم زيادة مضللة، كما تجعل داخل المعلم غير كاف له. وتظهر حدة هذه المشكلة أكثر إذا عرفنا الحاجة القومية والمتزايدة للعمالة البشرية.
4- عدم ملاءمة المخرج التعليمي: ويتمثل ذلك في عدم ملاءمة الناتج البشري للتعليم مع متطلبات المجتمع الآية والمستقبلية، نتيجة التغيرات السريعة في النواحي المختلفة وظهور حاجات فردية واجتماعية جديدة.
5- القصور الذاتي وعدم الكفاية: ويظهر ذلك في عدم صلاحيات المنظومة الفرعية للتعليم من إدارة ومناهج ومبان وتجهيزات ومعلم معد إعدادا وتدريبا، التي كانت تميز التعليم التقليدي لمواجهة المستجدات المختلفة.

ومع أوائل السبعينات يخرج إيفان إليتش بما يسمى اللامدرسية: Deschooling عندما يقرر أن التعليم الأمريكي يمر بأزمة خطيرة هي أزمة مؤسسات سياسية، ومن دلالتها:
1- تدني مستوى التحصيل بسبب التسرب من التعليم.
2- ترك معلمي المدارس الابتدائية لوظائفهم.
3- تزايد الشعور بالإحباط عند التلاميذ والمعلمين.
4- عجز المدارس عن تأدية وظائفها.
5- تحول هدف التعليم كاستئناس الناشئة وتطبيعهم لكي يتوافقوا مع المجتمع.
6- عدم استطاعة التعليم في المجتمع الأمريكي الغني والمتقدم على الوفاء بتقديم التعليم الإلزامي للناشئة، في ظل التطورات التكنولوجية.
وقد جسد إيليتش في كتابة مجتمع بلا مدارس Deschooling Society أزمة التعليم بقوله إننا تعلمنا معظم ما نعرفه خارج المدرسة، وأننا نتعلم كيف نتكلم ونفكر ونحب ونشعر ونلعب ونمارس العمل والسياسة دون فضل المعلم والمدرسة.

ومن ناحية أخرى فإن باولو فريري ينظر إلى الأزمة التعليمية من منظور أيدولوجي عندما يرى أن الهدف الأساسي للتعليم في بلدان العالم الثالث، وقد كانت من قبل مستعمرات، تعليم الناشئة وفقا لأيديولوجية المستعمر، وإذا كان التعليم في عصر الاستعمار وسيلة لقهر المستعمرات، فقد بقي كما هو في عصر التحرر. ولذلك لم يعد غريبا أن يبقى التعليم في هذه البلاد أداة لتكريس التعبئة والتخلف.

ويعرض هوزين في كتابه المدرسة في مشكل The School in Questions أزمة التعليم فيما يلي:
1- التعليم والسياسة Education and politics:
إذ إن العرض الأكثر وضوحا للاتجاهات المتغيرة نحو التعليم يتمثل في موجة النقد من اليسار واليمين، تلك الموجه التي تحتاج بلادا كثيرًا مع نهاية الستينات. يوجه المحافظون Conservatives اللوم إلى المدرسة لانخفاض مستواها الأكاديمي، وحاجتها إلى النظام وإهمالها التلاميذ المتفوقين كما يتهم اليساريون الراديكاليون المدارس لكونها مقبضة، وقاهرة، واستبدادية.
وينظر المربون الماركسيون إلى المدارس على أنها أدوات للمجتمع الرأسمالي، فهي تخرج قوى العمل الملائمة لحياة العمل القاهرة والطبقية في مجتمع من هذا النوع.
2- التعليم والمساواة:
أشارت التقارير إلى أن أهداف السياسة التعليمية لم تتحقق. ذلك أن زيادة التسهيلات التعليمية، وارتفاع نسب القيد في التعليم لم تسهم في تحقيق المساواة في الفرص التعليمية. وقد نظر إلى التعليم كأداة رئيسة للفرد الذي ولد في ظروف بيئية متدنية ليتحرك في السلم الاجتماعي. ومن هنا وجب أن يعطي كل فرد الفرص المتساوية التي تظهر قدراته وإمكاناته وقد تبين أن المساواة الشكلية لم تضمن المساواة في فرص الحياة حتى في المجتمعات الاشتراكية التي كرست نظمها لتحقيق المساواة.
3- السلبية داخل الفصول الدراسية:
وهناك وضوح كامل للرؤية في المجتمعات الصناعية المتقدمة كالولايات المتحدة وهولندا وألمانيا بأن الاتجاهات نحو المدارس قد صارت سلبية. وقد يرجع ذلك إلى وجود مؤسسات كثيرة تنافس المدرسة في جذب اهتمامات الطلاب كوسائل الإعلام والأندية وغيرها.
4- تقلص إعطاء الأولوية للتعليم:
وهناك مؤشرات واضحة بأن السياسة التعليمية تعكس انخفاض النظرة للتعليم كأولوية سياسية. ويضرب هوزين مثالاً على ذلك لأنه في عام 1970 فإن حكومة براندت في ألمانيا الغربية قدمت وثيقة عن السياسة التعليمية. وقد نظر إلى حل المشكلات التعليمية كأولوية سياسية أساسية، لكن هناك مؤشرات على أن السياسة التعليمية لم تعد لها هذه الأولوية.
5- تناقض التمويل:
وبعكس تناقض المخصصات المالية تدنى النظرة إلى التعليم، وكثر الحديث عن إدارة قصور الموارد. وارتبط الحوار حول تمويل التعليم وزيادة ليس فقط بنظرية رأس المال البشري، ولكن بنظرة قوية إلى عائدات التعليم للفرد والمجتمع.
6- المؤسسية ونواتجها:
إذ صدرت تقارير عن دق أجراس الخطر عن الوضع داخل الفصول المدرسية منذ نهايات الستينات من أشهرها تقرير تشارلز سيلبرمان Charles Silberman بعنوان أزمة في الفصل Crisis in Classroom نشر عام 1970 بعد بحث وزيارات للفصول في الولايات المتحدة لمدة ثلاث سنوات ونصف. وقد أظهرت الدراسات أن خريجي المدارس ليسوا مستعدين لتحمل مسئوليات الراشدين بعد سنوات عديدة قضوها في التعليم، بسبب اعتمادهم في تعليمهم على معلميهم. وفي الآونة الأخيرة - في الثمانينات والتسعينيات- استمر التعليم في أزمته في دول عديدة متقدمة ونامية.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية شكل وزير التعليم الأمريكي تيريل بيل Terrel Bell لجنة من ثمانية عشر عضوا لدراسة نظام التعليم وتقديم مقترحات لإصلاحه. وقد صدر عن اللجنة تقرير عنوانه أمة في خطر A nation at risk وقد جاء في التقرير: لو أن قوة أجنية غير صديقة (معادية) حاولت أن تفرض على أمريكا أداء تعليميا متدنيا كما هو حادث اليوم، فإننا كنا سننظر إليه كعمل يحرض على الحرب. ولقد سمحنا لذلك بأنفسنا بأن يحدث. ولقد أهدرنا ما حصلنا عليه من مكتسبات في رفع مستوى تحصيل طلابنا إبان تحدي سبوتك (القمر الصناعي السوفيتي).

وقد جاء في التقرير أن مجتمعنا ومؤسساته التعليمية يظهر أنها ضلت الطريق إلى الأهداف الأساسية للتدريس وللتوقعات العالية والجهود المنظمة المطلوبة للوصول إليها.

* أما عن مؤشرات الخطر فقد حددها التقرير فيما يلي:
1- كشفت المقارنات الدولية لتحصيل التلاميذ أن الطلاب الأمريكيين لم يحتلوا لا المرتبة الأولى ولا الثانية وبالمقارنة بأمم صناعية أخرى كانوا في المرتبة الأخيرة.
2- وجد أن 23 مليوم أمريكي راشد أميون أمية وظيفية، وظهر ذلك بتطبيق أبسط الاختبارات في القراءة والكتابة والفهم.
3- اعتبر حوالي 13% في الأمريكيين الذين بلغوا 17 سنة من العمر أميين أمية وظيفية. وقد بلغت الأمية الوظيفية بين الشباب من الأقليات حوالي 40%.
4- بلغ متوسط تحصيل طلاب التعليم الثانوي في معظم الاختبارات المقننة الآن أقل مما كان عليه منذ 26سنة، وقت إطلاق سبوتك.
5- لم يصل أكثر من نصف الطلاب الموهوبين إلى مستوى قدراتهم المقاسة باختبارات تحصيلية في مدارسهم.
6- كشفت اختبارات التحصيل انخفاضا في السنوات الأخيرة في الفيزياء واللغة الإنجليزية.
8- انخفضت أعداد ونسب الطلاب الحاصلين على مستوى عال في التحصيل في اختبار القدرة المدرسية.
9- لا يمتلك كثيرون ممن هم في سن 17 مهارات الذكاء عالية المستوى المتوقعة منهم.
10- وجود تدن ثابت في تحصيل العلوم للطلاب في سن 17 سنة على النحو الذي أظهرته القياسات القومية في العلوم في أعوام 1969، 1973، 1977.
11- زادت المقررات العلاجية في الرياضيات في كليات السنوات الأربع ما بين عامي 1975 - 1980 (72%) وتمثل الآن - وقت التقرير- ربع مقررات الرياضيات التي تقدمها المدارس.
12- شكا قادة الأعمال والعسكريون من أنهم يجب أن ينفقوا ملايين الدولارات على التعليم العلاجي وبرامج التدريب على بعض المهارات الأساسية كالقراءة والكتابة، والهجاء والحساب. وقد قررت البحرية الأمريكية أن أربع المجندين لم يصلوا إلى مستوى الصف التاسع في القراءة.
إن هناك كما يؤكد التقرير أزمة في التعليم الأمريكي، أدت إلى أن الأزمة الأمريكية في خطر.

وفي مصر أظهر تقرير عن التعليم في الثمانينات أن النظام التعليمي في مصر تعرض في السنوات الأخيرة لموجة من النقد المرير، بل إنه واجه خلال هذه السنوات في كثير من البلدان أزمة ضخمة بسبب ما يواجه من مشكلات من أبرزها:
1- غياب الفلسفة التعليمية الواضحة.
2- غياب الطابع القومي للتعليم.
3- غياب التخطيط التعليمي.
4- تخلف التعليم عن مواجهة المتغيرات المجتمعية.
5- إصلاح التعليم جاء كرد فعل لحركات خارجية.
6- جزئية الإصلاحات التعليمية.
7- غياب الوعي الجماهري بمشكلات التعليمي وأهمية تطويره.
8- انعدام التنسيق بين التربية المدرسية واللامدرسية.
9- قصور في مضمون التعليم، يتمثل في:
أ- غلبة الطابع النظري.
ب- صلابة المقررات وجمودها بالنسبة إلى مطالب التعليم والبيئة.
ج- إخفاق المقررات في مواجهة تحديات العصر.
د- محدودية المقررات الاختيارية في المدرستين الإعدادية والثانوية.
هـ- اقتصار التعليم على التلقين وحشو الذهن بالمعلومات.
و- قصور الاهتمام بطبيعة الفرد من نواحي ميوله وحاجاته ومشكلاته.
ز- الاقتصار في تقويم الطلاب على الامتحانات المدرسية بصوره المألوفة.

ثم تصدرها وثيقة أخرى عام 1992 في مصر تخصص فصلا كاملاً عنوانه: « أزمة التعليم جاء فيه: يمر التعليم في مصر بأزمة، وهي جزء من الأزمة العالمية التي تعاني منها جميع دول العالم. وفي تناولها لجوانب الأزمة عرضت الآتي:
1- أزمة التعليم من حيث أحوال المعلم: فقد تم إهمال المعلم طويلاً وتعايش المجتمع طويلاً مع الأوضاع السيئة التي يعيش فيها المعلم.
3- أزمة التعليم من حيث المناهج: إذ -كما تقول الوثيقة- أسهمنا جميعاً بشكل أو آخر في قتل البسمة على وجود أطفالنا، وأشقينا الأسرة المصرية التي ألحت تلهث وراء تعليم أولادها، ودخلت في مصاعب جمة تسببت في كثير من الأحيان في شقاء الأسرة المصرية.

* عن الهوية والانتماء:
أوضح تحليل محتوى وثيقة الاستراتيجية بالنسبة للهوية والانتماء أن الهوية المصرية قد احتلت فيها المرتبة الأولى، تليها الهوية العالمية، ثم الهوية العربية واحتلت الهوية الإسلامية المرتبة الأخيرة. وتقول الباحثة أن أكثر التكرارات في الهوية الإسلامية ذكرت تحت عبارات مثل: ثقافتنا المصرية العربية الإسلامية، وأن التناول كان للقيم الإسلامية العامة، وليس للإسلام كدين وشريعة.
وفي وثيقة « مبارك والتعليم » هبط الانتماء الإسلامي للصفر، وانخفض الانتماء العربي انخفاضا ملحوظا لصالح تأكيد الانتماء المصري، كما لم يرد لفظاً أفريقيا إلا مرة واحدة، وانخفض الانتماء العالمي، وإن ظل أعلى الانتماءات بنسبة متفوقة.
واستخلص الكاتب من تحليلها أن طبيعة الشخصية التي يراد من التعليم الإسهام في صياغتها كانت واضحة في « استراتيجية تطوير التعليم » ولم تكن واضحة في كتاب « مبارك والتعليم »؛ حيث زاد التركيز على الانتماء المصري، وتراجعت كل من الهوية العربية والإسلامية بصورة تثير القلق.

* السلطة والشعب:
أوضح التحليل زيادة التكرارات -في الوثيقتين- التي تشير إلى الشعب، وإن كانت قد انخفضت في كتاب « مبارك والتعليم » عن ما هي عليه في كتاب « استراتيجية تطوير التعليم ». وزيادة تكرار الإشارة إلى الشعب يعكس -افتراضيا- درجة عالية من مشاركة الشعب في صنع السياسة التعليمية، ودعمها والتركيز على قيم الجماعة ودور الناس في الحياة السياسة.
وفي هذا الجانب يصعب الاكتفاء بالأرقام والنسب في تفسير النتيجة الرقمية بالنظر في السياق السياسي، ولكن يجب الاعتماد في ذلك على نتائج بحوث سابقة ذات صلة بعملية تطوير التعليم، فذكرت أن الشعب لم يشارك في صنع السياسة التعليمية رغم حديث الكتابين عن استشارة الرأي العام والقوى المختلفة والهيئات المختصة ونوادي هيئة التدريس ولحظت تراجع المشاركة في ظل ولاية الدكتور حسين كامل بهاء الدين وأوردت قرائن هذه المقولة منها اصطدام الوزير بنوادي هيئة التدريس وأساتذة التربية على وجه التحديد، وكيف أن عملية التطوير في عهده تعرضت لنقد واسع.
وفي هذا الصدد يتأكد لدينا أن المناهج والمقررات تؤكد على الطاعة والإذعان، وتجاهل مفهوم الحوار، وتهميش قيمة الحرية، والمساواة، وأن الإدارة التعليمية تعاني بشدة من المركزية، وتقليص مشاركة القيادات التعليمية في عمليات تطوير التعليم، وأن اختيار المشاركين -إن حدث- يقوم على أساس أهل الثقة لا أهل الكفاءة.

* المصلحة العامة / والمصلحة الخاصة:
تدل على قراءة ما كتب تحت هذا البعد في تحليل المضمون:
- على أن الاتجاه السائد في الوثيقتين نحو التعليم الذي تموله الدولة وترعاه، والتعليم الذي يقدم لفئات خاصة أو تموله فئات خاصة يؤكد على أن نتائج التحليل تشير إلى ارتفاع النسبة المئوية لتكرار ما أسمته: مصلحة عامة، وانخفاض ما وصفته بأنه مصلحة خاصة. وأؤكد أن في البحث قصورا في تحديد مصطلح « المصلحة » الخاصة والعامة يجب أن تعيد نظرها فيها.
لقد تعرضت « إستراتيجية تطوير التعليم » للتعليم الخاص في مقام الحرص على مجانية التعليم، وأن كتاب مبارك والتعليم لم يتحفظ بصورة ما على التعليم الخاص. كما أن معالم المخاطر التي تنشأ عن تباين أنماط المؤسسات التعليمية، والواقع المجتمعي يؤكدان (معا) تفاوت القيم السياسية لدى طلاب المدارس الحكومية وطلاب المدارس الخاصة.

رابعا: مراحل إدارة الأزمات المدرسية والصفية:
أ- إدارة الأزمات:
تعرف إدارة الأزمات على أنها عملية منظمة تحاول المؤسسة من خلالها التنبؤ بالأزمات المحتملة التي تواجهها، واتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة لمنع وقوعها أو التقليل من الآثار السلبية المترتبة عليها.
وتعرف إدارة الأزمة أيضًا بأنها « العملية الإدارية المستمرة التي تهتم بالتنبؤ بالأزمات المحتملة عن طريق الاستشعار ورصد المتغيرات البيئية الداخلية أو الخارجية المولدة للأزمة وتعبئة الموارد والإمكانيات المتاحة لمنع الأزمة أو التعامل معها بأكبر قد ممكن من الكفاءة والفاعلية وبما يحقق أقل قدر ممكن من الضرر، مع ضمان العودة للأوضاع الطبيعية في أسرع وقت بأقل تكلفة ممكنة، وأخيرا دراسة القوى والعوامل التي تقف وراء الأزمة لمنع حدوثها مرة أخرى في المستقبل ».
وكذلك تعرف إدارة أزمة على أنها « مجموع الممارسات التي يمكن تطبيقها عندما ينشأ موقف يمثل تغييرا في أوضاع كانت مستقرة ».

وأخيرا تعرف إدارة الأزمة بأنها « نشاط هادف يقوم به المجتمع لتفهم طبيعة المخاطر الماثلة لكي يحدد ما ينبغي عمله إزاءها، واتخاذ وتنفيذ التدابير للتحكم في مواجهة الأزمات وتخفيف حدة آثار ما يترتب عليها ».
من العرض السابق لتعريفات إدارة الأزمة يتضح أن هدفها هو التعامل مع الأزمة بسرعة والعودة بالأمور إلى حالتها الطبيعية من خلال القيام بإجراءات خاصة ومحولة الاستفادة من إيجابياتها، وبذلك يمكن تعريف إدارة الأزمة في الآتي:
هي العملية الإدارية التي تهتم بالتنبؤ بالأزمات المحتملة، وتعبئة الجهود والموارد المتاحة لمنعها، أو الاستعداد للتعامل معها إذا وقعت بما يحقق أقل قدر من الخسائر المترتبة عليها.

ويتوقف نجاح الإدارة في التعامل مع الأزمة على مدى معرفتها ودرايتها بالعوامل والمتغيرات البيئية التي يمكن أن تسبب الأزمة، ومدى قدرتها على التكيف معها أو مواجهة تلك المتغيرات سواء في البيئة الداخلية أو الخارجية للمنظمة، وبذلك فإن إدارة الأزمات تتمتع بطابع مزدوج: وقائي وعلاجي.

ب- الإدارة بالأزمات:
تعرف الإدارة بالأزمات على أنها « أسلوب يلجأ إليه طرف في علاقة ما، إذا ما اعتقد أن له مصلحة في تغيير الوضع الرهن لهذه العلاقة، إما لشعوره بالغبن في ظل هذا الوضع، أو لاعتقاده بأن الظروف الراهنة تمثل المناخ الملائم بالنسبة له، لتعزيز وضعه داخل إطار هذه العلاقة ».
وتعتمد الإدارة بالأزمات على اصطناع الأزمة إما بصورة حقيقية أو مفتعلة، ويمكن أن يتم ذلك من خلال التخطيط لافتعال الأزمة واستثمار الفرص التي تنتج عنها لتحقيق بعض الأهداف التي كان يصعب تحقيقها في الظروف العادية، والهدف من استخدام الإدارة بالأزمات هو: 
* وسيلة للتمويه وإخفاء المشاكل الرئيسة الموجودة بالفعل.
* السعي إلى الهيمنة والسيطرة، وتحويل الأشخاص أو المدارس إلى موقف دفاعي.
* منع الطرف الآخر من الاستمرار في تحقيق نجاحاته.

ويتم افتعال الأزمات عن طريق برنامج زمني محدد الأهداف والمراحل: الإعداد لميلاد الأزمة، تصعيد الأزمة، المواجهة العنيفة والحادة، والسيطرة على الخصم، تهدئة الأوضاع، سلب وابتزاز الطرف الآخر.
مما سبق يتضح أن إدارة الأزمات هي « كيفية التغلب على الأزمات الموجودة بالفعل وتجنب سلبياتها »، في حين أن الإدارة بالأزمات تقوم على « افتعال الأزمات وإيجادها من عدم »، وقد يجتمع النوعان في موقف واحد، طرف يفتعل الأزمة (الإدارة بالأزمات)، والطرف الآخر يسعى إلى حال الأزمة وإنهائها (إدارة الأزمات).

وتهدف إدارة الأزمات المدرسية إلى الاستعداد لمواجهة الأزمات المدرسية وهذا سيتضمن التنبؤ بالأزمات وتمكين الإدارة من السيطرة على الموقف والمحافظة على ثقة جميع الأطراف المعنية، وتوفير نظم اتصالات فعالة من أجل التخاطب مع كافة المعنيين بالأزمة، وتمر الأزمة المدرسية بعدة مراحل، تمثل كل مرحلة منها أساسا للتعامل مع الأزمة، وهذه المراحل جميعها تتشابك وتتلاحق بحث لا يمكن الفصل بينهم، ويمكن توضيح مراحل إدارة الأزمة المدرسية على النحو التالي:
 1- مرحلة اكتشاف إشارات الإنذار:
حيث أن الأزمة المدرسية تحدث جزئيا بسبب أحداث بيئية لا تستطيع الإدارة المدرسية تجنبها، وتحدث نتيجة قصور داخل هذه الإدارة، مع ملاحظة أن هذا القصور له جذوره العميقة، ومن ثم كان ضروريا وضع قائمة إرشادية تصف الطرق والأساليب والاستراتيجيات التي يمكن أن تترجم بسهولة إلى أداءات فعلية بحيث تعدل من سلوك القادة المدرسيين وتدريبهم على مواجهة الأزمة واتخاذ التدابير الوقائية التي تحول دون وقوعها، ونظرا لصعوبة الحصول على مؤشرات وبيانات دقيقة فإن القادة المدرسين مطالبون بالتنبؤ المبكر بالإشارات التحذيرية المبكرة لجوانب الخطر، مع البدء في اتخاذ إجراءات وقائية وعلاجية سريعة لمنع حدوث الأزمات أو الحد منها قبل وقوعها وانتشارها وتقليل الفاقد.
2- مرحلة الاستعداد والوقاية:
وهي تمثل الأنشطة الهادفة في تغطية الإمكانيات والقدرات وتدريب الأفراد على كيفية التعامل مع الأزمة، وينبغي أن يتوافر لدى الإدارة المدرسية استعدادات وأساليب كافية للوقاية من الأزمات، ويتلخص الهدف من الوقاية في اكتشاف نقاط الضعف في منظومة التعليم، ومعالجتها قبل أن تستفحل ويصعب علاجها، والسعي من أجل منع الأزمة من الوقوع أو أن تدبيراها بشكل أفضل، ويتطلب ذلك إعداد مجموعة من الخطط البديلة لمقابلة جميع الاحتمالات وتوقع المسارات التي يمكن أن تتخذها الأحداث، واختبار ذلك كله حتى يصبح دور كل فرد مألوفا وواضحا.
3- مرحلة احتواء الأضرار والحد منها:
تتمثل هذه المرحلة في مجموعة العناصر التي تعكس مدى قيام الإدارة بتنفيذ الخطط الموضوعة وترجمة الاستعدادات، وإعداد الوسائل اللازمة للحد من الأضرار الناجمة عن الأزمة المدرسية ومنع انتشارها بفترة زمنية مناسبة عند حدوثها، وعندما تكون الوسائل والإجراءات اللازمة غير متوفرة فإن الأزمة يصعب السيطرة عليها أو التحكم فيها، وتهدف هذه المرحلة إلى إيقاف سلسلة التأثيرات الناتجة عن الأزمة داخل منظومة التعليم، والحيلولة دون أن تؤثر الأزمة على بقية أجزاء المنظومة أو بيئتها.
4- مرحلة استعادة النشاط:
تتضمن هذه المرحلة عدة جوانب منها: محاولة استعادة الأصول التي فقدت أثناء الأزمة، سواء كانت هذه الأصول مادية أو معنوية، ومحاولة تخفيف آثار الأزمة على الأطراف المعنية، وإعادة الأوضاع لما كانت عليه قبل الأزمة واستعادة مستويات النشاط، وتتطلب هذه المرحلة قدرات ومهارات فنية عالية من القادة المدرسين، وتخصيص أفراد محددين للقيام بالأنشطة.
5- مرحلة التعليم:
تتضمن هذه المرحلة استرجاع ودراسة الأحداث التي وقعت واستخلاص الدروس المستفادة منها، سواء من تجربة المدرسة ذاتها أو من تجارب المدارس الأخرى في إدارة الأزمة التي واجهتها، وهناك اعتقاد خاطئ بأن ذلك يعني فتح الجراح التي أغلقت، والحقيقة أن الإدارة المدرسية المستعدة لمواجهة الأزمات هي التي تقوم بدراسة ومقارنة العوامل التي أدت إلى تحسين أدائها مقابل العوامل التي شابها الضعف فيما يتعلق بإدارة الأزمة، والتعلم لا يعني تبادل الاتهامات أو إلقاء اللوم على الغير وتحميله المسئولية، وإنما إعادة التقويم لما تم إنجازه في الماضي ووضع الضوابط اللازمة لمنع تكرار الأزمات في المستقبل.

 

قد تُعجبك هذه المشاركات

  • ما هي السجلات التي يتابعها وكيل المدرسةبالإضافة على المهام الموكلة إلى وكيل المدرسة؛ فإنّه يُتابع مجموعة من السِجلات، وهي كالتالي:   متابعة سجل الانتظار.متابعة سجل الصادر…
  • القيادة الإداريةتعرف القيادة الإدارية بأنها النشاط الذي يمارسه القائد الإداري في مجال اتخاذ  وإصدار القرار إصدار الأوامر والإشراف الإداري على الآخرين   &nb…
  •  https://forms.office.com/r/M5E51HEUiA…
  • نبذة عن القسم   هو مكان مخصص يجمع عدد من الموجهين الطلابيين في مناخ ذي خصوصية وسرية تامة لتقديم النصح والإرشاد والمشورة والمساعدة في حياة الطالب للاستفادة من قدراته …
  •   تم تكريم المتفوقين بمدرسة زيد بن الخطاب للعام الدراسي 1444هــ من مدير المدرسة وتحت إشراف التوجيه الطلابي  والنشاط الطلابي راف التوجيه الطلابي بالمدرسة وا…
  •  https://youtu.be/IeWkT8Cxuoghttps://youtu.be/lh6cIitiLi4https://youtu.be/09Kb8dtUxOkرائع جدا للاطفالموقع جداً رائع لمن كان لديه أطفال صغارhttps://sites.google.com/view/qanat-…

إرسال تعليق

جميع الحقوق المحفوظة للجنة التوجية والإرشاد مدرسة زيد بن الخطاب 2024 © Premium By Raushan Design